هل يجوز بيع وشراء حسابات الألعاب والعملات الافتراضية؟ فتوى دار الإفتاء تجيب

هل يجوز بيع وشراء حسابات الألعاب والعملات الافتراضية؟ فتوى دار الإفتاء تجيب عن هذا السؤال الذي أصبح محور اهتمام واسع بين الشباب ومحبي الألعاب الإلكترونية في العالم العربي. في ظل تصاعد ظاهرة التجارة الرقمية داخل الألعاب وانتشار العملات الافتراضية التي تُستخدم للشراء والتبادل بين اللاعبين، أصبح التساؤل عن حكم هذه المعاملات من الناحية الشرعية أمرًا ملحًّا.

لذلك، جاءت فتوى دار الإفتاء لتسلط الضوء على الحدود الفاصلة بين المباح والمحظور، وتوضح متى يكون بيع الحسابات أو العملات الرقمية جائزًا، ومتى يتحول إلى معاملة محرّمة تمس جوانب الملكية والحقوق الفكرية في الفضاء الرقمي المتنامي.

ظاهرة بيع وشراء الحسابات الإلكترونية :

شهدت السنوات الأخيرة نموًا هائلًا في تجارة الحسابات داخل الألعاب الإلكترونية. فالكثير من اللاعبين يبيعون حساباتهم المميزة التي تحتوي على مستويات متقدمة أو أدوات نادرة مقابل مبالغ مالية حقيقية. في المقابل، يشتري آخرون هذه الحسابات لتحقيق إنجازات أسرع داخل اللعبة.

وبعبارة أخرى، تحولت الألعاب من وسيلة ترفيه إلى سوق تجاري رقمي متكامل. ومع ذلك، تطرح هذه التجارة تساؤلات أخلاقية ودينية حول مشروعيتها، خاصة عندما يتم التعامل بأموال حقيقية دون رقابة رسمية. لذلك، تسعى الجهات الدينية إلى توضيح الموقف الشرعي من هذه الممارسات الرقمية الحديثة.

موقف دار الإفتاء من بيع وشراء الحسابات :

أكدت دار الإفتاء أن بيع أو شراء الحسابات الإلكترونية داخل الألعاب يحتاج إلى ضوابط شرعية دقيقة. وأوضحت أن الحكم يتوقف على طبيعة هذه الحسابات وما إذا كانت تمثل ملكية حقيقية للمستخدم أم مجرد ترخيص مؤقت من الشركة المنتجة.


وقالت الدار في بيانها إن المستخدم لا يملك فعليًا الحساب الإلكتروني ملكية تامة، بل هو مُستَخدم لخدمة إلكترونية وفق شروط المنصة. لذلك، لا يجوز له بيع الحساب إلا إذا كانت الشركة نفسها تُجيز عملية البيع قانونيًا.


وأضافت أن بيع ما لا يُملك باطل شرعًا، وبالتالي إذا كانت سياسات اللعبة تمنع نقل الحسابات بين المستخدمين، فإن بيعها حرام لأنه يُعد تعديًا على حقوق الملكية الفكرية.

العملات الافتراضية داخل الألعاب الإلكترونية :

في نفس السياق، تحدثت دار الإفتاء عن مسألة العملات الافتراضية المستخدمة داخل الألعاب مثل “الكوينز” أو “الجولد” أو “الماس”. وأوضحت أن هذه العملات لا تعد أموالًا حقيقية لأنها لا يمكن تداولها خارج اللعبة، وبالتالي لا تأخذ حكم العملات النقدية الشرعية.
.
لكن في حال كانت هذه العملات يمكن تحويلها إلى قيمة مالية حقيقية أو بيعها مقابل النقود خارج المنصة، فإن التعامل بها يخضع لأحكام تجارة الأموال. هذا يعني ضرورة تحقق شروط البيع الصحيح مثل الملكية، والرضا، وعدم الغش.
.
وبالتالي، إذا تم بيع هذه العملات خارج المنصة بشكل مخالف لشروط الشركة، أو كان في ذلك احتيال أو استغلال، فإن المعاملة تكون محرمة.

الأسباب الشرعية التي تقود إلى التحريم :

حدّدت دار الإفتاء عدة أسباب تجعل البيع والشراء محرّمًا أو مشوبًا بالتحفظ،. أولاً، أن الحساب قد لا يكون مملوكًا بالفعل بل هو ترخيص مؤقت،. ثانيًا، أن البيع خارج سياسات المنصة يعد تعديًا على حقوق الملكية الفكرية،. ثالثًا، ينتج عن بعض الصفقات خداع أو احتيال،. رابعًا، قد يؤدي ذلك إلى استغلال صغير السن وإبقائه في دائرة الإدمان الرقمي.

  • عدم ملكية المستخدم التامة للحساب.
  • مخالفة شروط استخدام المنصة واللوائح القانونية.
  • انتشار عمليات النصب والاحتيال في السوق غير الرسمي.

الحالات التي يجوز فيها البيع :

رغم التحذير الصريح من المخاطر، أكدت دار الإفتاء أن بعض الحالات قد يكون فيها البيع جائزًا إذا استوفت شروطًا محددة، منها:

  • أن يكون الحساب أو العنصر الرقمي مملوكًا فعليًا للمستخدم وفق قوانين المنصة.
  • أن يتم البيع بشكل رسمي وموثق من خلال القنوات المعتمدة داخل اللعبة.
  • ألا يترتب على البيع ضرر أو غش أو تضليل للمشتري.
  • ألا تكون اللعبة نفسها مبنية على المقامرة أو المراهنة أو الإيحاءات المحرمة.

وفي نفس السياق، شددت دار الإفتاء على أن الأصل في المعاملات الإباحة ما لم يرد نص بتحريمها، ولكن عندما يغيب الضبط القانوني والشرعي، فإن التحريم يصبح هو الأرجح حمايةً للمجتمع من الفساد المالي والرقمي.

مفهوم الملكية الرقمية في الإسلام :

قبل كل شيء، من المهم فهم أن الملكية في الإسلام تقوم على قاعدة “ما يملك يُباع وما لا يملك لا يُباع”. ومع ذلك، فإن العالم الرقمي خلق أنواعًا جديدة من الملكية لم تكن موجودة سابقًا.

على سبيل المثال، يمكن أن يمتلك المستخدم محتوى رقميًا مثل الصور أو الحسابات، ولكن ملكيته مقيدة بشروط الشركة المالكة. هذا يعني أن الملكية هنا افتراضية وليست مادية.

وبالتالي، أوضحت دار الإفتاء أن مثل هذه الملكية تحتاج إلى تقنين واضح يحدد حقوق وواجبات المستخدمين، حتى لا يقعوا في معاملات محرمة دون قصد.

الفتوى بين الحرمة والإباحة المشروطة :

أكدت دار الإفتاء أن الحكم الشرعي لبيع وشراء الحسابات أو العملات الافتراضية ليس تحريمًا مطلقًا، بل يعتمد على نية المستخدم وطبيعة التعامل. فإذا كان البيع يتم وفق القانون وبدون غش، فإنه مباح.

أما إذا كان البيع يتم بطرق ملتوية أو يتضمن نصبًا أو خيانة للعقود الرقمية، فإنه حرام. لذلك، نصحت الدار الشباب بضرورة التحقق من شروط المنصات قبل الإقدام على أي عملية بيع أو شراء.

وأضافت: “على المسلم أن يكون واعيًا بأن رزقه لا يأتي من طريق الشبهات، وأن يحرص على الكسب الحلال الخالي من الغش أو الاحتيال”.

نصائح عملية للمستخدمين :

وجهت الدار نصائح عملية للاعبين والمستخدمين لتجنّب الوقوع في الشبهات والجرائم الرقمية،. من أهمها قراءة شروط الاستخدام بعناية، والاعتماد على القنوات الموثوقة في المعاملات، والإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة،. كما حثت الدار الأسر على توعية الأطفال والمراهقين حول مخاطر التجارة الرقمية غير المنظمة.

  • عدم الانجرار وراء الوعود الربحية السريعة داخل الألعاب.
  • قراءة شروط الاستخدام والسياسات قبل أي تعامل مالي.
  • تجنب شراء الحسابات من مصادر مجهولة أو غير موثوقة.
  • الإبلاغ عن أي نشاط احتيالي أو بيع مشبوه للجهات المختصة.

وأضافت أن العالم الرقمي يتطور بسرعة، ولكن المسلم مطالب بضبط سلوكه الرقمي بما يتوافق مع القيم الدينية والأخلاقية.

مستقبل التجارة داخل الألعاب الإلكترونية :

من ناحية أخرى، يرى خبراء الاقتصاد الرقمي أن تجارة الحسابات داخل الألعاب ستستمر في التوسع مع صعود تقنيات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس. لذلك، سيكون من الضروري وضع تشريعات عربية تنظم هذه الأنشطة وتحمي المستخدمين.

وفي غضون ذلك، دعا بعض الباحثين إلى إدخال مواد دراسية جديدة في الجامعات حول الاقتصاد الافتراضي لتمكين الشباب من فهم هذه المعاملات بطريقة علمية وشرعية.

الخاتمة :

في الختام، يمكن القول أن بيع وشراء الحسابات والعملات الافتراضية داخل الألعاب قد يكون جائزًا أو محرمًا حسب الضوابط الشرعية والقانونية المصاحبة للصفقة. وبعبارة أخرى، فإن الأصل هو الإباحة ما لم تتوافر أسباب التحريم، ولذلك فإن الوعي القانوني والشرعي هو الركيزة الأساسية لحماية المستخدم وحقوق الآخرين.

 

المصدر: إعداد وتحليل فريق نيوز بوست . . للمزيد من التقارير والتحليلات اشترك في نشرتنا الإخبارية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى