مناورات نتنياهو تعيد سيناريو “واي ريفر”.. من عهد عرفات وصولاً إلى حماس

مناورات نتنياهو تعيد سيناريو “واي ريفر”.. من عهد عرفات وصولاً إلى حماس

يشهد المشهد السياسي في الشرق الأوسط تصاعداً لافتاً في التوترات، خصوصاً مع محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.  إعادة استحضار تكتيكات قديمة . التي تعود جذورها إلى اتفاقية “واي ريفر” الشهيرة التي وُقعت أواخر تسعينيات القرن الماضي. بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية بوساطة أمريكية .الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً . خاصة مع تشبيه بعض المحللين للمشهد الحالي بما جرى خلال عهد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات . وصولاً إلى التحديات الراهنة مع حركة حماس في غزة . وبالتالي فإن الحديث عن هذه المناورة السياسية لا يقتصر فقط على البُعد التاريخي . بل يتداخل أيضاً مع الحسابات الإقليمية والدولية . لذلك من الضروري فهم أبعاد هذه التطورات بدقة .

ما هي اتفاقية “واي ريفر”؟

اتفاقية “واي ريفر” تم توقيعها في أكتوبر 1998 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وذلك بعد جولات معقدة من المفاوضات. جرت في منتجع واي ريفر بولاية ميريلاند الأمريكية.  وبمشاركة مباشرة من الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون.

هدفت الاتفاقية إلى تنفيذ بنود اتفاق أوسلو الذي سبقها. وتحديد آليات الانسحاب الإسرائيلي من أجزاء من الضفة الغربية. . مقابل تعزيز التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.

بنود الاتفاقية الرئيسية:

  • انسحاب إسرائيلي تدريجي من بعض مناطق الضفة الغربية.
  • تعزيز دور الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مكافحة ما وصف بالإرهاب.
  • التزامات متبادلة بوقف العنف وتصعيد الثقة بين الطرفين.
  • دور أمريكي نشط في متابعة التنفيذ.

هذا يعني أن “واي ريفر” لم تكن مجرد وثيقة عابرة. . بل محطة محورية في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. . ومع ذلك لم تحقق جميع أهدافها. . بسبب خلافات جوهرية. .

نتنياهو ومناورة العودة إلى الماضي

اليوم يحاول نتنياهو استعادة مشهد اتفاقية “واي ريفر”. . ولكن مع اختلاف الظروف واللاعبين الأساسيين. . فبينما كان ياسر عرفات هو الطرف الفلسطيني المباشر في تلك المرحلة. . نجد أن حركة حماس أصبحت اليوم في صدارة المواجهة مع إسرائيل. . سواء في غزة أو على المستوى السياسي الأوسع. .

لماذا يعيد نتنياهو هذا السيناريو؟

  • لتعزيز أوراق الضغط الداخلية والخارجية.
  • للحصول على دعم أمريكي جديد شبيه بما جرى في التسعينيات.
  • لتبرير سياسات عسكرية وأمنية ضد غزة تحت غطاء “السلام”.
  • لإعادة ترتيب الأوراق السياسية قبل أي انتخابات إسرائيلية مقبلة.

بعبارة أخرى فإن نتنياهو يوظف “التاريخ” كسلاح سياسي. . في مواجهة تحديات الحاضر. .

من عرفات إلى حماس.. انتقال في طبيعة المواجهة

خلال عهد عرفات كانت المفاوضات تدور حول إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967. . مع التركيز على الضفة الغربية والقدس. . بينما اليوم تغير المشهد بشكل جذري. . حيث أصبحت حماس تمثل العنوان الأبرز للصراع في غزة. . ومع ذلك لا تزال المطالب الجوهرية للشعب الفلسطيني كما هي. . وهي الحرية والاستقلال وإنهاء الاحتلال. .

الفروق بين المرحلتين:

  • مرحلة عرفات: طابع تفاوضي رسمي برعاية أمريكية مباشرة.
  • مرحلة حماس: طابع عسكري وميداني مع حصار طويل لغزة.
  • عرفات: كان شريكاً تفاوضياً لإسرائيل رغم الخلافات.
  • حماس: تعتبرها إسرائيل خصماً استراتيجياً وتتعامل معها بعقلية أمنية.

وبالتالي فإن إعادة إنتاج “واي ريفر” في ظل وجود حماس. . تبدو معادلة معقدة وصعبة التحقيق. .

الأبعاد الدولية للمناورة

الأهم من ذلك كله أن هذه التحركات لا تتم في فراغ سياسي. . بل تأتي في ظل انشغال دولي بملفات أخرى مثل الحرب في أوكرانيا. . والأزمات الاقتصادية العالمية. . ومع ذلك تبقى القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في الأجندة. . خاصة في المنطقة العربية والإسلامية. .

المواقف الدولية:

  • الولايات المتحدة: تمارس ضغوطاً لدفع الطرفين نحو التهدئة.
  • الاتحاد الأوروبي: يدعو لحل الدولتين ولكنه عاجز عن فرض إجراءات ملموسة.
  • الدول العربية: منقسمة بين داعم للمفاوضات وحذر من التطبيع.
  • الأمم المتحدة: تكرر الدعوات لإنهاء الاحتلال ولكن دون آليات فعالة.

وبالمثل فإن المجتمع الدولي يبدو عاجزاً عن فرض حل جذري. . رغم خطورة التصعيد المستمر. .

السيناريوهات المحتملة للمستقبل

علاوة على ذلك فإن خبراء السياسة يتحدثون عن عدة احتمالات قد تنتج عن مناورة نتنياهو الحالية. . بعضها يفتح الباب لمفاوضات جديدة. . وبعضها الآخر ينذر بمزيد من المواجهات. .

أبرز السيناريوهات:

  • إحياء مسار تفاوضي جديد برعاية أمريكية أو إقليمية.
  • تصعيد عسكري في غزة لتبرير مواقف إسرائيل أمام الداخل والخارج.
  • تجميد الوضع الراهن مع استمرار الحصار والانقسام الفلسطيني.
  • تحركات دولية مفاجئة مثل قرارات أممية أو وساطات عربية.

نتيجة لذلك يبقى المشهد مفتوحاً على جميع الاحتمالات. .

ماذا تعني هذه التطورات للشعب الفلسطيني؟

قبل كل شيء فإن أي مناورة سياسية إسرائيلية. . غالباً ما تكون على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة. . سواء عبر تأجيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. . أو تكريس الاحتلال كأمر واقع. . والأهم من ذلك كله أن معاناة الفلسطينيين اليومية. . من حصار واقتحامات واستيطان. . تبقى أكبر من أي خطاب سياسي. .

التحديات أمام الفلسطينيين:

  • استمرار الانقسام الداخلي بين حماس والسلطة الفلسطينية.
  • غياب موقف عربي موحد قادر على فرض حل عادل.
  • انحياز واضح من الولايات المتحدة لإسرائيل.
  • غياب ضغط دولي كافٍ لوقف الاستيطان والاعتداءات.

وبالتالي فإن الشعب الفلسطيني يقف في مواجهة تحديات متزايدة. . دون أفق واضح للحل. .

البعد الإعلامي والدعائي للمناورة

في نفس السياق يستخدم نتنياهو هذه التحركات كأداة إعلامية. . للتأثير على الرأي العام المحلي والدولي. . فهو يحاول إظهار نفسه كشخصية قادرة على “إدارة الأزمات”. . رغم الاتهامات الموجهة إليه بالفساد. . ومشاكل ائتلافه الحكومي. .

أدوات نتنياهو الإعلامية:

  • خطاب سياسي موجه للرأي العام الإسرائيلي.
  • استثمار الخوف الأمني لتبرير السياسات.
  • استخدام الإعلام الغربي لتصوير إسرائيل كضحية.
  • تضخيم خطر حماس لتبرير التصعيد العسكري.

هذا يعني أن البعد الإعلامي لا يقل أهمية عن البعد السياسي. .

الخاتمة :

في الختام، يتضح أن مناورات نتنياهو الحالية. . ليست سوى محاولة لإعادة إنتاج مشهد قديم تحت ظروف جديدة. . من اتفاقية “واي ريفر” التي جمعت إسرائيل بعرفات. إلى المواجهة المفتوحة مع حركة حماس يظل جوهر القضية كما هو: حقوق الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في الحرية والاستقلال.

ومع ذلك فإن غياب إرادة دولية حقيقية. . وانقسام المواقف الإقليمية. . يجعلان أي حديث عن تسوية نهائية مجرد سراب.  باختصار فإن السيناريو يعكس استمرار الدائرة المفرغة. . التي عانى منها الفلسطينيون لعقود طويلة. .

المصدر: إعداد وتحليل فريق نيوز بوست . . للمزيد من التقارير والتحليلات اشترك في نشرتنا الإخبارية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى